حديث الزعيم إلى جريدة الأيام


نرسل إليكم فيما يلي وصف مقابلتنا لزعيم الحزب السوري القومي الأستاذ أنطون سعاده، مع نص الحديث القيّم الذي أدلى إلينا به في هذه المقابلة؛ وهذا الحديث يجلو ما علق بالأذهان من الوهم حول موقف الحزب من القضية العربية العامة التي هي أنشودة كل فتى غيور يهزّه تاريخنا الحافل بالمآثر والمفاخر، ويطربه ما يقرع مسامع نفسه من أغاني المجد، والعظمة، والفخار:

س ـ أستهل مهمتي بسؤالكم عن كيفية شعوركم ساعة دخولكم السجن، وفي المحاكمة وبعد الإفراج عنكم؟

ج ـ دخلت السجن شاعراً بأن الحزب السوري القومي يدخل في طور اختبار يبرهن عن حيويته وعن صلاحه لحمل مبادئه إلى قمة الفلاح. ودخلت المحكمة وأنا أشعر أنّ نضالاً عنيفاً بين الحقوق القومية والمصالح السياسية سيحتدم ضمنها، وشعرت بعد خروجي من السجن بأن النهضة السورية الجديدة قد أعطت البرهان القاطع على مؤهلاتها للانتصار.

س ـ ما رأيكم في المشاكل الاجتماعية والسياسية في سورية الطبيعية على اختلاف مناطقها واختلاف نظامات الحكم فيها؟ وما صفة الارتباط بين الاثنين؟ وما الدواء الشافي لمعالجتهما؟

ج ـ الحقيقة أنّ مشاكل سورية الطبيعية السياسية الحالية هي نتيجة طبيعية لحالة انعدام النهضة القومية المعتمدة على نفسها والشاعرة بمصالحها الحقيقية وأغراضها الصحيحة. إنها نتيجة زمن كانت إرادة الأمة السورية فيه متروكة جانباً إذا كانت في حالة كمون. أما نوع المشاكل فليس من الصعب معالجته في نهضة حية كالنهضة التي نقوم بها، لأن في الأمة السورية مكامن خفية لقوات عظيمة جداً، هي الآن تخرج من مكامنها على طرق وأساليب تكفل لها تحقيق فاعليتها القوية. إنّ المشاكل السياسية لسورية الطبيعية قد أصبح حلها بواسطة النهضة السورية، التي يقوم بها الحزب السوري القومي، مسألة وقت فقط.
أما المشاكل الاجتماعية فأهمها وحدة الحقوق والواجبات وهي مشاكل ننظر إليها بعين التقدير في المبادىء الأساسية والإصلاحية للحزب السوري القومي. والعلاقة بين السياسة والاجتماع ضعيفة جداً، وإنّ من الأخطاء الفادحة في جميع الحركات التي جرت في حياتنا الماضية هي أخطاء إهمال الاجتماع في الأعمال السياسية، أما النهضة السورية القومية الجديدة فتعلن أنّ السياسة فن غرضه خدمة المجتمع فأساسه دائماً اجتماعي قومي.

س ـ ما هو نصيب سورية من مشاكل العالم العربي وما هو موقفها العملي من هذه المشاكل؟

ج ـ إنّ مشاكل العالم العربي من وجهة النظر المستقلة هي مشاكل لا يمكن أخذها مجموعة إلا من نقطة
واحدة، هي مواجهة الأمر الاستعماري الواقع. وفيما سوى هذه النقطة فلكل مجتمع في العالم العربي مشاكله القومية الخاصة التي يعالجها على ما اكتسب من اختبارات خاصة به ضمن حدوده، وسورية تقوم الآن بواسطة الحزب السوري القومي بمعالجة شؤونها ومشاكلها القومية الخاصة. وهي في نفس الوقت تعمد نفسها للاشتراك في نقطة المصلحة المشتركة بينها وبين شقيقاتها البلدان العربية. وكلما قويت معنوية الأمة السورية كلما ازداد فعلها في حل كل مشكلة سياسية أو حزبية مشتركة.

س ـ في الأوساط العامة أصوات تنادي بالعروبة بصورة أكثر ميلاً للعاطفة، ومنها ما هو متزن يريد أن يبحث القضية العربية بصورة عملية. فما رأيكم في القضية العربية، وهل من المستطاع مستقبلاً إنشاء دولة عربية موحدة، أو دول عربية متحدة في الشؤون الكبرى لصد الغارات الأجنبية؟

ج ـ بعض هذا السؤال قد أجبت عليه في الجواب الثالث المتقدم، وبعضه الآخر الذي يتناول إمكانية إنشاء دولة عربية أو حلف عربي. أعتقد انّ الحلف العربي هو الأمر المعقول والوضع الممكن بحثه عملياً، ومسألته هي أيضاً مسألة وقت وظروف، منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي وهو في كل حال أمر محبذ.

أنطون سعاده
الأيام، دمشق
20/5/1936 بيروت في 16، لمكاتب الأيام الخاص

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى