الرسَــالة 7 – ادويك

 حبيبتي ادويك!
كتبت اليوم رسالتين الواحدة إلى أختي وضعت فيها صورتك إليها، والثانية إلى أخي ادوار في سان باولو أخبره هو أيضاً بخبرنا واحتمال سفرنا معاً. وهذه رسالتي إليك أكتبها في هدأة الليل في بيت مري حيث أقضي بضعة أيام في طلب الراحة من عناء العمل القاسي.
في هذه الفرصة الأولى وجدت منفسحاً من الوقت لنفسي فتُقتُ لأصرفه معك فطفت في حرجات الصنوبر أقف تارة في هذا المنحدر وطوراً على هذه الرابية المخضلة أذكرك وأذكر أوقاتنا الأولى في الشوير واللحظة الأولى في “دينة الجرة” وأتأمل وجهك وأصغي إلى صوتك الحبيب فكأنكِ معي وإلى جانبي. صور تنسيني انك بعيدة ولكني أعود فأتذكر أن الفراق لن يطول وأنك ستأتين لتكوني معي.
لا بد أن يكون بلغكِ خبر حلّ الحكومة أحزاب الوحدة اللبنانية والكتائب اللبنانية والجبهة القومية اللبنانية وفرق هذه الأحزاب وأنه قد جرت مظاهرات يوم الأحد الماضي الواقع في 21 حزيران في بيروت. وقد تكونين فكرتِ فيِّ وفي الحزب، بل لا بد أن تكوني فكرتِ في علاقتنا بهذا الحل، فنحن لا نزال كما نحن والسياسة التي اتبعتُها تتكفل بإيجاد سلم لنا لمدة تكسبنا مناعة جديدة.
أما حقيقة مظاهرات الأحد فهي أنها اكتسبت قوة من جراء تدخل الإكليرس والفئات الناقمة على الحكومة بسبب الانتخابات والمستغلين من كل صنف ولون، والشيوعيين الذين وُجد بين المسجونين عدد غير يسير منهم. وكان لتحريض المطران مبارك بعض الشأن. وقد أستعملت الحكومة شدّة في منع المظاهرة، لا مبرِّر لها وليست من السياسة في شيء. وسوء سياسة الحكومة أكسبت المظاهرة شأناً لم يكن لها فزادت في الاستياء والنقمة عليها الأمر الذي سبّب إقفال مدينة بيروت اليوم وبعض المظاهرات السلمية التي لم تتدخل الحكومة لقمعها بالقوة المسلّحة كما فعلت يوم الأحد. والحالة هادئة في جميع مناطق الجمهورية اللبنانية.
إني لا أزال أفكر في السفر وأبذل المساعي لتهيئته. وقد كتبت إليك في رسالتي السابقة في الأسباب التي تدعوني إلى عدم تأجيل السفر إلى الصيف المقبل. وإني أنتظر جوابك لأعلم رأيك في هذا الأمر الهام.
ذكرت لك في كتاب سابق أن ترسلي كتبك إلى عنوان السيد يوسف الصائغ في الجامعة الأميركانية بدلاً من السيد سامي قربان، لأني لم أعد أحب الاتصال بقربان الذي أصبح مادّياً ويهتم بشؤونه الشخصية أكثر مما يهتم بالقضية. وهو أصبح أميَل إلى السينما واللهو منه إلى الأعمال الجدية. أما الصائغ فعلى العكس منه. ومع ذلك فلا أظن أنه يخشى الآن على الرسائل الواردة باسمي إلى بيروت أو بتعيين شارع المعرض.
غداً صباحاً أنزل إلى بيروت وصباح الغد موعد سفر البريد الجوي فأضع هذا الكتاب إليكِ وأتفقد كتاباً منك. وعسى أن أحظى بكتاب مبشِّر وعسى أن تكون الماما قد كفَّت عن ذرف الدموع ورأت أن تشجِّعنا بدلاً من أن تثبط عزائمنا.

سلامي لها ولهلن وأمين وميشال.
أما أنتِ فإن صلواتك تصل إليَّ وتلامس قلبي. إن عواطفي كلها لكِ.
ليكن السلام معكِ

(التوقيع)
في 25 نوفمبر 1937


(بعد) هبطت بيروت صباح اليوم ومعي هذا الكتاب وهو لا يزال مفتوحاً فوجدت على مكتبتي رسالتكِ الأخيرة في 18 و21 الجاري فسررت جداً بهذا الصباح الجميل وتحيَّتك الحبيبة وما كنت غلطاناً في شيء. فإنتِ تفهمينني. وتقديري للماما عظيم بلِّغيها احترامي. ولــكِ ..

(التوقيع)
في 26 نوفمبر 1937

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى